مما لاشك فيه أن الدستور هو الملاذ الأخير للمواطن عندما يتحول المجتمع المدني إلى مجتمع عسكري تكون فيه الكلمة العليا لقانون ظالم مثل قانون الطوارئ .. وقانون الأحزاب .. وغيرها من القوانين سيئة السمعة التي باتت تحكمنا وتعيش فى ظلها بلادنا حالة من الطوارئ لاتنتهى حيث أن الدستور هو مجموعة القواعد القانونية الأساسية التي يتم بمقتضاها تنظيم الدولة وممارسة الحكم فيها، والتي توضح سلطات الحكومة، فضلا عن حقوق وواجبات المواطنين ويتخذ الدستور فى تنظيم البلدان شكل وثيقة مكتوبة ومحددة ، كما أنه يتألف من مجموعة من الأعراف والتقاليد المصحوبة بسلسلة من التشريعات كما يحدث فى بريطانيا.. أو يقول قاموس وبستر بأنها تعنى الوثيقة المكتوبة والتي تتضمن قواعد التنظيم الاجتماعي والسياسي . وغيرها من التعريفات المتعددة للدستور ومعلوم أن الدستور أبو القانون فالقانون يفصل الدستور ولا يقيد الدستور .
ولم يكن يجرؤ أحد حتى أقرب الناس من صناع القرار فى مصر أن يتوقع إجراء تعديلات دستورية قبل اقتراح تعديل المادة 76 فضلا أن يقترح ذلك واعتبروا ذلك مساسا بمقدسات الأوطان وعندما فاجئنا الرئيس باقتراح التعديل لضمان بقاء المنافسة محصورة ومقصورة على حزب واحد هو الحزب الحاكم هللوا لذلك وانقلب هؤلاء وتحولوا 180 درجة تماما مرددين "بالروح بالدم نفديك يا ريسنا " .
ولسنا بصدد الوقوف مع هؤلاء "الإمعة" ولكن ما حدث من تعديل للمادة 76 وما سيحدث أو التعديل المقترح لبعض المواد يعتبر انتكاسة دستورية وردة إلى الوراء يعود بمصر إلى نقطة الصفر لتصبح الدولة الفريدة فى العالم التى تعود بدستورها من الديموقراطية إلى الديكتاتورية .
من قانون الطوارئ إلى دستور الإرهاب
وعلى الرغم من أن مصر منذ 81 وهى تحيى تحت نيران قانون الطوارئ وتعيش فى ظلاله إلا أنه يعتبر استثناء وليس أصلا حيث أن الدستور ينص فى الباب الثالث فى مواده الخاصة بالحريات والحقوق والواجبات العامة من المادة رقم 40 إلى المادة رقم 63 فمثلا تنص المادة (41) على
( مادة 41 )
الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون. ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي .
( مادة 44 )
للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون.
ومتى رفع قانون الطوارئ نعود للأصل وهو الدستور والخطير فى الأمر أن النظام يريد تعديل بعض تلك المواد فى الدستور لتقوض مسالة الحريات العامة وبدلا من أن يكون قانون الطوارئ استثناء يصبح قانون الطوارئ دستورا وتصبح مسألة الحريات العامة "مرتعا " مستباحا للأمن وقت ما يشاء يقبض على من يشاء فى أي مكان شاء .وأيضا هناك كثير من المواد الأخرى المقترحة للتعديل تفوق خطورتها هذه المادة وغيرها .
دعاوى كاذبة .. وافتراءات باطلة
والغريب أن النظام كثيرا ما يتشدق بالديموقراطية والحرية وغيرها من الشعارات التى باتت فى عداد الأموات تحت مرئي ومسمع من الجميع فعدد المعتقلين فى مصر تجاوز 25 ألف معتقل سياسى حصل الكثير بل معظمهم على أحكام قضائية بالبراءة التى لم تنفذ حتى الآن ولا يدرى أحد متى تنفذ .. ولا أدرى كيف يجرؤ أحد من هؤلاء أن يلوك لسانه تلك الشعارات بعدما أصبحت مصر فى نهاية المطاف فى الدول الديموقراطية فضلا عن النواحي الاقتصادية والشتات الاجتماعي الذي زلزل أركان المجتمع فهناك ما يقرب من 9 مليون عانس فى مصر ما بين رجل وامرأة وحدث عن البطالة ولا حرج . وأضرب هنا مثالا واضحا لتلك الافتراءات والدعاوى وهى المادة 88 والخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية والنيابية حيث أن هذه المادة نظمت عملية الإشراف القضائى على الانتخابات البرلمانية يريد النظام التلاعب بها لتصبح الانتخابات كلها فى يوم واحد بدلا من ثلاثة أيام وهو الأمر الذي يعنى أن عدد القضاة لا يكفى لتغطية كافة الدوائر الأمر الذى يحدو بالنظام إلى جعل آخرين يشرفون على بعض الدوائر وهذا مثال صارخ لتلك الدعاوى والافتراءات الخاصة بالديموقراطية الحكومية وحدث عن غيره ولا حرج .الأمر الذى يجعلك على يقين من أن التعديلات تسير نحو الأسوأ .
الدور المطلوب
وإذا انتهى الأمر من القوى الوطنية والأحزاب السياسية عند تلك التعديلات بمصمصة الشفاه " والحسبنة " على الظالمين وكفى فيا سعادة النظام بهذا لأنه فقد الإحساس وتبلدت لديه المشاعر تجاه شيئ يسمى " الشعب " فلا يدرك له قيمة ولا يعرف له حقوق وإن ادعى غير ذلك والمطلوب أن تتكاتف جميع القوى الوطنية وكافة الأحزاب السياسية وكل المصلحين والمحبين لهذا الوطن الحبيب وترابه ليكونوا جميعا على قلب رجل واحد . ولكن نريد فاعليات حقيقية متمثلة في :-
1- نشر الوعي بين كافة طوائف الشعب ومؤسساته بكافة الوسائل المختلفة وكافة البرامج المتاحة .
2- عقد المؤتمرات والندوات وفضح هذا المخطط لتركيع الشعب وكافة قواه الوطنية وقوى المعارضة حتى لا تنطق بسوى " يحيى الرئيس للأبد " .
3- القيام بحملة شعبية وحراك شعبي دائم لا يتوقف شاملا جميع مؤسسات المجتمع المدني والنقابات وفى مقدمة هؤلاء جميعا المثقفين والكتاب .
4- تقديم أطروحات حقيقية للتعديلات الدستورية المقترحة كبديل لما ينتوى أن يقوم به النظام تحمل تلك الأطروحات في مضمونها المصلحة الحقيقية والشاملة لمصرنا الحبيبة .
وأخيرا
ربما ظن البعض أن الإصلاح والتغيير هو مسئولية لمثقفين والكتاب والناشطين السياسيين من مؤسسات المجتمع المدنى فمن تصور ذلك فهذا قصور واضح فالجميع ممدودة له الأيدى ليساهم ويشارك وبقوة في التغيير والإصلاح هذا هو أقل ما يجب أن يقوم به الجميع لإنقاذ هذا البلد وإلا فسيصير الدستور إرهابا والإرهاب دستورا .
الأحد، ٢٠ مايو ٢٠٠٧
عندما يصبح الدستور إرهابا والإرهاب دستورا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق