الجمعة، ٢٨ نوفمبر ٢٠٠٨

تلبية القلوب قبل تلبية الألسنة

عندما تقبل العشر الأوائل من ذى الحجة فإن النفوس تهفو لبيت الله والأفئدة تتعلق بآمال الطواف والقيام بأداء فريضة الحج وتحمل أيام ذى الحجة معها موسم من أعظم مواسم الطاعة التى ينبغى على المسلم أن يغتنمها وأن يجعل شعاره فيها "لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك " .
ويجب على المؤمن أن يقف مع نفسه وقفات حول فريضة الحج فإنه مدرسة لمن أراد أن يتعلم ولعل القسم الربانى بالعشر الأوائل من ذى الحجة يقرع فى النفس تنبيها لتلك الأيام وعظمها عند الله فالله يقول " والفجر وليال عشر والشفع والوتر "وأكثر أهل العلم قالوا إن الليالي العشر هى ليال ذى الحجة والمسلمون اليوم مطالبون أن يتمسكوا بإسلامهم وتعاليمه لأنه السبيل الوحيد للنجاة مما أدرك العالم من صراعات وأزمات لم تترك الجفون تقر ولا العيون تغمض والحديث الآن عن تزكية النفس وكيف أنها السبيل لبناء الإنسان الذى هو محور التنمية وهدفها وللحج وقفات نتأملها عل الله أن يبلغنا حج بيته الحرام
- لابد للمسلم أن يجدد نيته وتوبته إلى الله وأن يعلم أن هذا الموسم هو محطة من المحطات الربانية التى جعلها الله لنا قربة إليه لنقبل عليه فالله يقول فى الحديث القدسى " .. وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذرعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولة‏ " ويقول النبي " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟!! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " فاللهم تب علينا لنتوب واغفر لنا الذنوب إنك أنت علام الغيوب .
- أن يعلم المسلم أن شعاره دائما تلبية النداء الإلهى والانصياع التام لأوامره فالله يقول " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " وفى آية أخرى " إنما كان قول المؤمنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا" والألسنة فى هذا الموسم تلهث لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك فلابد وأن يتعلم المؤمن أن التلبية ليست فى وقت ولا فى فريضة معينة وإنما هى شعار للمؤمن وحال له مع الله ولنا فى السيدة هاجر الأسوة الحسنة حين أمرها سيدنا إبراهيم بالمكوث فى الصحراء فقالت "إذا لن يضيعنا الله "
- تذكر الآخرة وأن المصير إلى الله فالحاج لا يرتدى سوى اللباس الأبيض ويترك أهله وولده ويترك الدنيا مقبلا على الله خالقه ولنتذكر قول الله " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " فالمآل إلى الله فليتذكر كل منا العرض على الله وأنه سيقف بين يديه وحيدا فرديا ليس معه سوى عمله الصالح
- العدل ونتعلم من هذه الفريضة العظيمة معنى العدل فالجميع يرتدون لباسا واحدا الرئيس والمرؤوس الغنى والفقير الوزير والغفير كلهم بين يدى الله سواء فليعدل الذى ولاهم الله امر هذه الأمة وليكونوا على قدر الأمانة والمسئولية فالله سائل كل راع عما استرعاه حفظه أم ضيعه .
- الاتحاد قوة والفرقة عذاب وهذا معنى من معاني الحج فالمسلمون يجتمعون فى مكان واحد يلبون نداءا واحدا ويعبدون ربا واحدا ولو اجتعمت قلوبهم على فهم شامل وصحيح للإسلام لكان لهم شأنا آخر غير الحال الذى تردوا فيه .